المسلمون في العالم
تابعونا
انضم لمعجبينا في الفيس بوك ...المواضيع الأخيرة
إذاعة ميراث الأنبياء
استمع لأجمل القراء
مفكرة الاسلام
مواقيت الصلاة
تقويم هجري
تحويل ميلادي لهجري
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 12 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 12 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 31 بتاريخ الأربعاء أبريل 26, 2017 7:11 pm
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
قصة حياة البنا رحمه الجزء الثاني
صفحة 1 من اصل 1
قصة حياة البنا رحمه الجزء الثاني
فشيخنا الفاضل صاحب اسلوب السهل الممتنع
وفى يوم 21 /3 /1983 يستيقظ الشيخ / محمود مبكرا ويستقل سيارته متجها من منزله بمصر الجديدة الى شبرا باص شوقا لزيارة قبر والدية ولزيارة اخوته هناك وظهرت على الشيخ علامات التوتر فى هذا اليوم وسرعان ما وصلت السيارة الى شبرا باص وجلس الشيخ على التراب امام قبر والدية مشتاقا لدعائهما له ومشتاقا اليهما ولكنها سنة الله فى الخلق
وجلس الشيخ امام القبر فترة طويلة يغلفها صمت رهيب وهو يتذكر والدية ودعائهما له ويشعر الشيخ بالوحدة بعد موتهما ونظر الى السماء ليستمد من الله العون جرت الدموع من عينه وهو يطلب من الله ان يعينة على هذا الفقد الكبير فى حياته برحيل بوصلة الامان عنه ( والديه ) واخذ الشيخ يبكى ويتمتم بأيات من القران والدموع تنهال من عينه
وظل الشيخ هكذا حتى اتعبه البكاء فرفع عينه الى السماء طالبا من الله الفردس الاعلى فى الجنة لوالديه حتى قطعت علية شقيقته الكبرى رتيبه خلوته قائلا له : كفايه بقى يا شيخ محمود قم معايا ارتاح فى البيت واطلب لهم الرحمه
واستجاب الشيخ لاخته وما هى الا لحظات حتى كانوا فى البيت مع الاخوة والاهل
وتناولوا الغذاء معا وبعد ان انتهى الشيخ من الغذاء اعطى اخته رتيبه قطعة قماش قائلا لها ابويا زارنى فى المنام من يومين واعطانى 3 قطع قماش ولم يقل لى شيئ ففهمت باحساسى انه يذكرنى بأخواتى الثلاثة وامبارح زرت نبويه وزينب واعطيتهما نصيبهما وده نصيبك يا رتيبه
رتيبه :هوه علشان ابوك زارك تكلفك نفسك يا شيخ محمود
الشيخ : مجرد احساس يا رتيبه
ويجلس الشيخ فى المندره الكبيره جلسته المعتاده وينظرالى موقع حلمه القديم الذى رسمه فى خياله فوق قطعة الارض المجاورة لمنزله وهو بناء المسجد
ومع بناء المسجد بدء الشيخ يعد العده لاخرته طالبا من الله حسن الخاتمة .........
اقترب الرحيل
وبدء الشيخ / البنا يفكر فى بناء المسجد الذى كان يطمح ان يبنيه منذ فترة طويلة ولكنه اجل الفكرة نزولا على رغبة امه وبالفعل كما عارضت الام عارض الكثير الشيخ عندما هم بتفيذ البناء وليس اعتراضا مثل اعتراض الام رحمها الله وانما كان اعتراضا على ان للشيخ مهام دنيوية لم تنتهى بعد ومنها زواج محمد وشريف اصغر ابنائه ولكن الشيخ / البنا لم يلتفت الى الاعتراضات واستمر فى بناء حلمه
ويتحدث اللواء / شفيق البنانجل الشيخ عن هذة الفترة :
حدثت اعتراضات كثيرة على والدى عندما هم ببناء المسجد وكانت الضغوط كبيرة ولكنه رحمه الله لم يكترث بتلك الاعتراضات وكلفنى بعمل الرسومات الهندسية اللازمة للبناء وعندما اقترحت علية تأجيل بناء المسجد لحين اتمام زواج محمد وشريف فرد على بنبرات حزينة :
محمد وشريف لم يتما تعليمهما الجامعى بعد ليصلا الى مرحلة الزواج وانا تركت لهما ما يكفى لاتمام زواجهما ولن يمهلنى العمر لاحضر زواجهما وابقى قوم انت بالمهمه دى بدلا منى ......
فرددت علية ربنا يعيطك طولة العمر
فرد على الشيخ رحمه الله :
لا يعلم الغيب الا الله وده مجرد احساس داخلى بأن العمر يقترب من النهاية حتى اننى يوم فرح اختكناهدشعرت ان ده اخر فرح هحضره من افراح اولادى وعلشان كده انا مهتم ببناء المسجد فى هذا الوقت قبل ما اسيب الدنيا
فقولت له : لكن جدتى حذرتك من بناء الجامع وتنبأت بارتباطه بنهاية رحلتك فى الحياة الدنيا ......
الشيخ : جدتك رحمها الله عاشت على نقاء الفطرة وطهارتها وتحذيراتها كانت مخاوف من حسد الناس وبعدين النبى وصانا ان نعيش فى الدنيا كأننا نعيش ابد الدهر وان نرتب لاخرتنا كأننا نموت غدا وانا ربنا اكرمنى واعطانى من فضله فأيه المانع ان ارتب لاخرتىمن الان ......
وكانت تربط الشيخ / البنا والشيخ / الشعراوى علاقة صداقة قوية بعد ان انتقل واصبح قارئ السوره بالمسجد الحسينى وكانت الشيخ / البنا يجلس مع الشيخ / الشعراوى كل يوم جمعه بعد الصلاة فى منزله المواجهه لمسجد سيدنا الحسين وكان يفضى اليه الشيخ / البنا بهمومه وكان منها سباقه مع الزمن لبناء المسجد بشبرا باص والذى طالما شجعه عليه الشيخ / الشعراوى
ويضيف اللواء المهندس / شفيق البنا كان والدى رحمه الله يستعجلنى وكأنه يسابق الزمن فى بناء المسجد ويستعجلنى فى الرسومات الهندسية وكنا نسافر بكثره الى شبراباص لمتابعة العمل بالمسجد وكان والدى عندما كنا نتمشى سويا بشوارع القاهرة يحدثنى عن امنيته فى شكل المسجد المعمارى وكلما مررنا بمسجد يقول لى اريد باب المسجد مثل هذا الباب واذا رأى مئذنه مسجد اخرى اعجبته يقول لى اريد مئذنة المسجد تكون مثل هذة وكان يتحدث معى عن احتفالية افتتاح المسجد وانه سيدعو وزير الاوقاف والشيخ / الشعراوى طبعا ومحافظ المنوفية وكثير من الشخصيات البارزة فى المجتمع وكنت ادون ورائه كل ملاحظاته حتى لا تغيب عنى عند تنفيذها
وقدمت الرسومات الهندسية للشيخ بحيث يكون المسجد فى الدور الاول علوى الذى يرتفع عن الارض 10درجات والدورالمنخفض يضم مكتب لتحفيظ القران ومكتبه اسلامية وعيادة طبية ومصلى للسيدات وايضا مدفن للشيخ واستلزم ذلك المدفن اجراءات خاصة قد اتمها الشيخ قبل وفاته وخصص الشيخ قطعة الارض المواجهه لمنزله بشبرا باص والمواجهه ايضا للمسجد بحيث تكون دار للمناسبات يقيم فيها اهل شبراباص مناسباتهم الخاصه
وتمر الايام ويرتفع المسجد ويرى النور والشيخ يتابع البناء باستمرار
واقترب شهر رمضان لسنة 1985 واقترب موعد سفر الشيخ / البنا لابوظبى لاحياء ليالى الشهر الكريم فأقترح الشيخ / البنا على زملائه القراء ان يعقدوا اجتماع النقابه بشبراباص واستجاب الزملاء وتم عقد الاجتماع بشبراباص وبعد ان فرغوا من الاجتماع وتناول الغذاء استعرضوا مع الشيخ مجمع الشيخ البنا الاسلامى بشبراباص ووقف الشيخ يصافح زملائه القراء مصافحة مودع واسوقف الشيخ / البنا زملائه قبل انصرافهم والعوده للقاهرة وقال لهم وهو يشير بيديه الى موقع المدفن :
هنا سيرقد قريبا الشيخ / محمود على البنا
واندهش الجميع من كلام الشيخ حيث كان يتمتع بكامل الصحه فى ذلك الوقت وما كانت هناك امارات للمرض تبدو عليه
وجاء موعد السفر لابوظبى وودع الشيخ الجميع ووعد ابنه شفيق البنا بأنه سيحول جميع اتعابه من المصحف المرتل لاستكمال بناء المسجد ....................ولكن ماذا ستخبئ الايام القادمه
الحلقة الاخيرة
ويسافر الشيخ / البنا الى دولة الامارات ويمر شهر رمضان وحان وقت الرجوع الى مصر
فى يوم السابع من من شهر يوليو لسنة 1985 تحول بيت الشيخ الى مايشبة خلية النحل من ترتيب وتجهيز المنزل وتحضير الاطعمة التى كان يفضلها الشيخ فاليوم سيصل الشيخ قادما من ابوظبى حيث مكث هناك شهر رمضان بأكمله وقام بستجيل المصحف المرتل كاملا للاذاعة هناك
ورنين تليفون المنزل لا ينقطع والكل يستفسر عن موعد قدوم الشيخ وكل الاسره فى انتظار الشيخ ولكن يا ترى ماذا تجبئ الساعات القادمة ..........................
وخرج نجلى الشيخ احمد وشريف لاستقباله فى المطار وما ان مرت ساعة ونصف حتى رن جرس الباب معلنا قدوم الشيخ والكل يتجه نحوه ابناؤه واحفاده ولكن ............الشيخ يظهر على وجهه الارهاق الشديد ولون وجهه مصفرا وقد فقد بعض وزنه وغابت عن عيونه فرحة الرجوع الى المنزل وصافح الشيخ الاسرة بعيونه ودخل الى غرفته .......والكل فى حيره ماذا اصب الوالد .....
وفى حجرته طلب الشيخ من ابنه شفيق ان يخرج مظرفا كبيرا مكتوب على اسم احد المستشفيات بأبوظبى وداخل المظرف كانت الاجابه على حيرة الجميع وهو تشخيص لحالة الشيخ الصحية والحالة الحرجة التى وصل اليها استعدادا لعرضها على المتخصصين بمصر وبات الجميع ليلة حزينة على غير المعتاد حيث كان الشيخ يسامر الجميع ويروى لهم طرائفه ومواقفه الطريفة عن كل سفره وكان هذا تقليدا اعتاد عليه الشيخ منذ ان سافر اول الستنيات وحتى اخر سفره لابوظبى
ومرت الليله وجاء الصباح ليكشف لنا عن حقيقة ما يعانيه الشيخ
تم عرض الاوارق على المتخصصين ولكنهم لم يوصوا بعلاج واوصوا بنظام غذائى فقط وعاد الشيخ يطمئن اهله بتعليمات طبيه تتأرجح بين الامل والسراب
ولم يكتفى اولاد الشيخ على وشفيق بذلك واخذوا يبحثوا عن حقيقة مرض الشيخ و اتصلوا بالمستشفيات المتخصصه بالخارج لاستشارة كبار الاطباء هناك وللاسف جاءت الاجابات لتقطع خيوط الامل التى تمسك بها ابناء الشيخ
........................................ .............
فلم يترك السرطان بانتشاره فى جسد الشيخ اى حيلة للطب والاطباء
وتمسك الابناء بأخر خيوط الامل وهى اعادة الفحوصات على امل وجود خطأ فى الفحوص والتقارير الطبية التى احضرها الشيخ معه من ابوظبى وبالفعل دخل الشيخ المستشفى بمرافقة زوجته وبصحبة ابنائة من اجل اعادة الفحوصات الطبية وكانت تعليمات الاطباء توصى بتقليل الزيارات والابناء يتمسكون بالامل وينفذوا تعليمات الاطباء ........ولكنه المريض اعذنا الله واياكم ومنه وعفانا وعفا كل المسلمون منه ......امين ....لم يترك فرصه لانقاذ حياة الشيخ
ومضى اسبوع على الشيخ بالمستشفى وعرف الاهل والاحباب بشبرا باص وجاؤا لزيارة الشيخ وجاءت الاخت التى طالما حملته طفلا على يديها الاخت الكبيرة رتيبه وابت الرجوع الى شبرا باص ولازمت الشيخ بالمستشفى وتجلس على الارض بجوار سرير الشيخ وهى تنظر اليه وتراقبه فى نومه ويقظته ....
احس الشيخ بقرب رحيله واخذ يمهد لرتيبه رحيله عن الدنيا الى دار القرار فقال لها انتى عارفه يا رتيبه الطوق البلاستيك اللى فى ايدى اللى مكتوب عليه اسمى وفصيلة دمى ......ده معمول علشان يعرفوا الميت بعد وفاته ........رتيبه اوعى تلطمى عليه او تصرخى لما اموت احنا مسلمين
وتمر الايام
صباح يوم الثامن عشر من شهر يوليو لسنة 1985
وزوجة الشيخ تستغيث يالاطباء لتدهور حاله الشيخ فجأه وتمت الاستجابه وامتلئت حجرة الشيخ بالاطباء والممرضات
وامر الشيخ زوجته بأن تستدعى الابناء على عجل ولما حضر الابناء قال لهم الشيخ :
سافروا الى شبرا باص وعجلوا ياتمام المدفن بأسرع وقت ممكن
وكان مسجد الشيخ بشبراباص مازال تحت الانشاء
وبالفعل ذهب الابناء الى شبرا باص وبدت كئيبه فى نظرهم فهى المرة الاولى التى يأتوا فيها الى شبراباص بدون الشيخ وعلى الفور قابلهم الاعمام هناك وتم استدعاء العمال من اجل اتمام المدفن وتركيب البوابه له وكذلك تنظيف ارضية المسجد( فلم يتم الانتهاء بعد من تشطيب المسجد ) من اجل الصلاة على الشيخ فيه
وانتهى الابناء من التجهيزات ورجوع الى القاهرة وجلسوا مع الام ليمدونها بشيئ من القوة من اجل تجمل الساعات العصيبة القادمة
واستيقظ الشيخ وسأل : المدفن جاهز؟
احمد : ايوه يا بابا
وقام الشيخ من فراشه وفتح باب الحجرة ومشى بالممر المؤدى الى حجرته والكل يراقب الشيخ بدهشة بالغة ويخافون ان تخذله قوته المؤقته
عن ماذا يبحث الشيخ ؟
هل هى صحوة الموت ؟
وما هى الا لحظات قليلة حتى عاد الشيخ الى فراشه وهو يقول لشفيق :
كنت امام بيت جميل بينى وبينه خطوتين وفيه حديقة جميله اردت ان اصل بابها لا دخله ......ولكن لماذا عدت الى هنا مرة اخرى ؟
اين البيت والحديقة الذين يتحدث عنهما الشيخ ؟ لا احد يعلم
صباح التاسع عشر من يوليو لسنة 1985
التف الابناء حول الشيخ , والشيخ جالس على مقعد مواجهه للنافذة ويرمى ببصره ويروى لابنائه ما يراه هو فقط واخذ يصف لهم جنازته
وبدء الموت يقترب من الشيخ وما هى الا ساعات .....ويقطع هذا الزخم الهائل من الحزن طرق على الباب يعلن قدوم ضيف للاطمئنان على الشيخ انه الشيخ / محمد متولى الشعراوى رحمه الله ..الداعية الاسلامى المعروف ومن اعز اصدقاء الشيخ / البنا
جاء الشيخ / الشعراوى ليطمئن على صديقة العزيز على قلبه ولم يكن يتصور ان صديقة وصل الى هذة الحاله الحرجه مع المرض ووجده يحتضر وادرك الشيخ / الشعراوى انه لم يعد فى عمر الشيخ / البنا الا لحظات والله اعلم بما تبقى ، وتلاقت يدى الشيخان معا واخذ الشيخ / البنا يشد على الشيخ / الشعراوىويوصيه ان يفى بوعده بأن يودعه الى مثواه الاخير وتقبل الشيخ / الشعراوى الوصيه والقلب يعتصر من الداخل ألما على فراق الاحباب وغادر الشيخ / الشعراوى غرفة الشيخ ويحمل بين طيات قلبه الم وحزن شديدين على فراق صديقه ولكنها سنة الحياة
الموت حق والدار فانية
وكل نفس تُجزى بما كسبت
وخارج غرفة الشيخ اجتمع الشيخ / الشعراوى بأبناء الشيخ / البنا وتحدث اليهم قائلا :
الله سبحانه وتعالى يريد لعبده ان يرضى بقضائه وانتم لا تريدون لابيكم ان يرحل ويغيب عنكم وهو الان فى حاجه الى دعائكم ، ترجموا حبكم له بدعاء يحتاج اليه الان ساندوه فى محنته ، محنة انسلاخ الروح من الجسد ، منحة رحيله عنكم ، ادعوا الله ان يخفف عنه سكرات الموت وسلموا بامر الله وارضوا بأمر الله الذى قضاه لابيكم ولا تقلقوا عليه فهو من حملة القران وربما فى القريب العاجل سيصبح بين يدى ارحم الراحمين
وغيرت زيارة الشيخ / الشعراوى اتجاة ابناء الشيخ من البكاء الى الدعاء وكانت ليلة حزينة وشديدة الالم على ابناء الشيخ
ويمر النهار ونصل الى الساعة العاشره مساء يوم 19 / 7 / 1985 والظلام يخيم على غرفة الشيخ الا من ضوء هادئ يعلو فراشه .....بدأ القدر يرسل نفحاته ....وفجأه كسر الشيخ / البنا صمته وصحا من غفوته فالتف حوله ابنائه وزوجته الوفيه واراد الشيخ ان يتحدث اليهم ربما للمرة الاخيره
ونظر الى شفيق ويسأله : هية الساعه كام دلوقتى ..؟
شفيق : الساعة العاشرة مساء
الشيخ : لا احنا نمشى الصبح فى النور ان شاء الله
الشيخ : شفيق من احب لقاء الله ؟
شفيق يجيب : احب الله لقائه
الشيخ : وانا احب لقاء الله
واخذ الشيخ يتكلم ويملى وصيته :
سأفارقكم بعد ساعات وربما بعد لحظات وقتمكا يأذن الله قاستمعوا فقط لما اقوله و لاتعارضونى فلم يتبقى الا القليل ويشير الشيخ الى شفيق اكبر ابنائه لكتب هو اول وصية من وصاياه :
الشيخ :
اكتبوا ............لا تتركوا اهلى واقاربى يشعرون بغيابى سيرون فيكم امتدادا لوجودى وعوضا عن غيابى وذكرى تذكرهم بى فلا تبخلوا عنهم برحيلى ولا تخذلوهم من بعدى ( كان يحمل دائما حب هائلا فى قلبه نحو اهله فهم اول من وصى بهم وسكرات الموت تغالبه )
اكتبوا ........... لا تشوهوا فرحتى بلقاء الله بالصراخ والعويل فأنا راض بفراق الدنيا ومسلم بقضاء الله
اكتبوا ..........اقرأوا كل يوم ما تيسر من القران ولا تقلقوا على مسجدى فالله قادر بأذنه ان يتم بناءه وسأجد خيرا منه فى اخرتى بأذن الله
اكتبوا ......... ستقع زمام الامور بين ايديكم بعد لحظات من رحيلى ستصبحون مسئولين فى غيابى والله يعلم كم ان قلبى منفطر عليكم ولكنى كلى ثقة بالله انه لن يترككم . لقد ان الاوان لتتسلموا مهامكم الجديده ولا حيلة لنا امام قضاء الله الا الاستسلام لمشيئة الله
ويتوقف الشيخ ليلتقط الانفاس ويرتب الافكار فيقول :
اكتبوا .........ادفنوا امكم الى جوار مدفنى وقتما يشاء الله برحيلها عن الدنيا
اكتبوا ........سأرحل ولم اتم دورى مع اخويكم محمد وشريف قأتموا انتم دورى قدموا لهم كما قدمت لكم واتموا زواجهما
اكتبوا ..........اجعلوا اخى الشيخ / مصطفى خطيبا لمسجدى فالاقربون اولى بالمعروف ولاخى ابو الفتوح دورا فى المجمع الاسلامى الذى يتبع الجامع
والابناء ملتفون حول الشيخ والشيخ بين الحين والاخر يفرق بينهم بيده ويقول مرحبا.... مرحبا .....مرحبا.......هل كان يرحب بالموت ؟ الله اعلم
وعاد الشيخ ليستريح ويلتقط انفاسه مرة اخرى واستطرد قائلا :
اكتبوا........للذكر مثل حظ الانثيين والقسمة بينكم بالمعروف
اكتبوا .......كونوا على قدر المسئوليه الكبيرة التى ستحملونها من بعدى واديروا فى جنازتى شريطا للقران بصوتى ...اريد ان ادخل قبرى واشيع نفسى بصوتى
ومد الشيخ يده يصافح اولاده يدا بيد ودعا لهم جميعا بأن يثبتهم الله على دين الاسلام حتى يلاقوا ربهم وقال لهم مودعا " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
وطلب من نجله احمد ان يقرأ سورة يس ويقرأ احمد والدموع تنهال من عينه
والشيخ يكمل وصيته
اكتبوا.......اللهم ان قد بلغت اللهم فأشهد واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمدا نبيا ورسولا
ورفع عينه الى السماء وهو يقول " رب توفنى مسلما والحقنى بالصالحين "
وانتهى الشيخ من كلامه واحمد انتهى من قراءة سورة يس
وفراقت الروح الجسد ورحل الشيخ / البنا ابن قرية شبراباص بعد رحلة كفاح مشرفه رحل ولكن صوته لم يرحل لان صوته قران والقران لا يرحل
وفى صباح يوم 20 / 7 / 1985
وصل الجثمان الى مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة والمسجد يكتظ بالمودعين ففاض بهم فخرج الكثير الى ساحة المسجد وكان امامهم الشيخ / الشعراوى وما ان انتهت مراسم الوداع بالقاهرة حتى تحركت السيارة التى تحمل الجثمان نحو قرية شبراباص والكل كان فى الانتظار بداية من اهل الشيخ ومندوب الرئيس والمحافظ وكبار الشخصيات الى محبلى الشيخ وابناء القرى المجاورة لقرية الشيخ
ووصل الجثمان ومعه ابناء الشيخ والشيخ / الشعراوىومكبرات الصوت تعلوا بتسجيل قرانى بصوت الشيخ البنا
ودخل الجثمان المسجد واحتشد الناس وصلوا على الشيخ صلاة الجنازة وتوجهوا بالجثمان الى القبر وهكذا اسدل الستار على حياة علم من اعلام القران رحمه الله رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته
ووقف الشيخ الشعراوى ينعى فراق اعز الاصدقاء ( الشيخ البنا ) وهو يقول :
اللهم جازه عن كل حرف من القران تلاه عدد مرات تلاوته وجازه عن كل من استمع الى كل حرف من القران تلاه عدد مرات الاستماع اليه وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين عبدك بين يديك وانت ارحم الراحمين
رحم الله الشيخ البنا رحمة واسعه واسكنه الله فسيح جناته .........امين
................والى هنا انتهت قصة العلم القرانى الشيخ محمود على البنا رحمه الله
وفى يوم 21 /3 /1983 يستيقظ الشيخ / محمود مبكرا ويستقل سيارته متجها من منزله بمصر الجديدة الى شبرا باص شوقا لزيارة قبر والدية ولزيارة اخوته هناك وظهرت على الشيخ علامات التوتر فى هذا اليوم وسرعان ما وصلت السيارة الى شبرا باص وجلس الشيخ على التراب امام قبر والدية مشتاقا لدعائهما له ومشتاقا اليهما ولكنها سنة الله فى الخلق
وجلس الشيخ امام القبر فترة طويلة يغلفها صمت رهيب وهو يتذكر والدية ودعائهما له ويشعر الشيخ بالوحدة بعد موتهما ونظر الى السماء ليستمد من الله العون جرت الدموع من عينه وهو يطلب من الله ان يعينة على هذا الفقد الكبير فى حياته برحيل بوصلة الامان عنه ( والديه ) واخذ الشيخ يبكى ويتمتم بأيات من القران والدموع تنهال من عينه
وظل الشيخ هكذا حتى اتعبه البكاء فرفع عينه الى السماء طالبا من الله الفردس الاعلى فى الجنة لوالديه حتى قطعت علية شقيقته الكبرى رتيبه خلوته قائلا له : كفايه بقى يا شيخ محمود قم معايا ارتاح فى البيت واطلب لهم الرحمه
واستجاب الشيخ لاخته وما هى الا لحظات حتى كانوا فى البيت مع الاخوة والاهل
وتناولوا الغذاء معا وبعد ان انتهى الشيخ من الغذاء اعطى اخته رتيبه قطعة قماش قائلا لها ابويا زارنى فى المنام من يومين واعطانى 3 قطع قماش ولم يقل لى شيئ ففهمت باحساسى انه يذكرنى بأخواتى الثلاثة وامبارح زرت نبويه وزينب واعطيتهما نصيبهما وده نصيبك يا رتيبه
رتيبه :هوه علشان ابوك زارك تكلفك نفسك يا شيخ محمود
الشيخ : مجرد احساس يا رتيبه
ويجلس الشيخ فى المندره الكبيره جلسته المعتاده وينظرالى موقع حلمه القديم الذى رسمه فى خياله فوق قطعة الارض المجاورة لمنزله وهو بناء المسجد
ومع بناء المسجد بدء الشيخ يعد العده لاخرته طالبا من الله حسن الخاتمة .........
اقترب الرحيل
وبدء الشيخ / البنا يفكر فى بناء المسجد الذى كان يطمح ان يبنيه منذ فترة طويلة ولكنه اجل الفكرة نزولا على رغبة امه وبالفعل كما عارضت الام عارض الكثير الشيخ عندما هم بتفيذ البناء وليس اعتراضا مثل اعتراض الام رحمها الله وانما كان اعتراضا على ان للشيخ مهام دنيوية لم تنتهى بعد ومنها زواج محمد وشريف اصغر ابنائه ولكن الشيخ / البنا لم يلتفت الى الاعتراضات واستمر فى بناء حلمه
ويتحدث اللواء / شفيق البنانجل الشيخ عن هذة الفترة :
حدثت اعتراضات كثيرة على والدى عندما هم ببناء المسجد وكانت الضغوط كبيرة ولكنه رحمه الله لم يكترث بتلك الاعتراضات وكلفنى بعمل الرسومات الهندسية اللازمة للبناء وعندما اقترحت علية تأجيل بناء المسجد لحين اتمام زواج محمد وشريف فرد على بنبرات حزينة :
محمد وشريف لم يتما تعليمهما الجامعى بعد ليصلا الى مرحلة الزواج وانا تركت لهما ما يكفى لاتمام زواجهما ولن يمهلنى العمر لاحضر زواجهما وابقى قوم انت بالمهمه دى بدلا منى ......
فرددت علية ربنا يعيطك طولة العمر
فرد على الشيخ رحمه الله :
لا يعلم الغيب الا الله وده مجرد احساس داخلى بأن العمر يقترب من النهاية حتى اننى يوم فرح اختكناهدشعرت ان ده اخر فرح هحضره من افراح اولادى وعلشان كده انا مهتم ببناء المسجد فى هذا الوقت قبل ما اسيب الدنيا
فقولت له : لكن جدتى حذرتك من بناء الجامع وتنبأت بارتباطه بنهاية رحلتك فى الحياة الدنيا ......
الشيخ : جدتك رحمها الله عاشت على نقاء الفطرة وطهارتها وتحذيراتها كانت مخاوف من حسد الناس وبعدين النبى وصانا ان نعيش فى الدنيا كأننا نعيش ابد الدهر وان نرتب لاخرتنا كأننا نموت غدا وانا ربنا اكرمنى واعطانى من فضله فأيه المانع ان ارتب لاخرتىمن الان ......
وكانت تربط الشيخ / البنا والشيخ / الشعراوى علاقة صداقة قوية بعد ان انتقل واصبح قارئ السوره بالمسجد الحسينى وكانت الشيخ / البنا يجلس مع الشيخ / الشعراوى كل يوم جمعه بعد الصلاة فى منزله المواجهه لمسجد سيدنا الحسين وكان يفضى اليه الشيخ / البنا بهمومه وكان منها سباقه مع الزمن لبناء المسجد بشبرا باص والذى طالما شجعه عليه الشيخ / الشعراوى
ويضيف اللواء المهندس / شفيق البنا كان والدى رحمه الله يستعجلنى وكأنه يسابق الزمن فى بناء المسجد ويستعجلنى فى الرسومات الهندسية وكنا نسافر بكثره الى شبراباص لمتابعة العمل بالمسجد وكان والدى عندما كنا نتمشى سويا بشوارع القاهرة يحدثنى عن امنيته فى شكل المسجد المعمارى وكلما مررنا بمسجد يقول لى اريد باب المسجد مثل هذا الباب واذا رأى مئذنه مسجد اخرى اعجبته يقول لى اريد مئذنة المسجد تكون مثل هذة وكان يتحدث معى عن احتفالية افتتاح المسجد وانه سيدعو وزير الاوقاف والشيخ / الشعراوى طبعا ومحافظ المنوفية وكثير من الشخصيات البارزة فى المجتمع وكنت ادون ورائه كل ملاحظاته حتى لا تغيب عنى عند تنفيذها
وقدمت الرسومات الهندسية للشيخ بحيث يكون المسجد فى الدور الاول علوى الذى يرتفع عن الارض 10درجات والدورالمنخفض يضم مكتب لتحفيظ القران ومكتبه اسلامية وعيادة طبية ومصلى للسيدات وايضا مدفن للشيخ واستلزم ذلك المدفن اجراءات خاصة قد اتمها الشيخ قبل وفاته وخصص الشيخ قطعة الارض المواجهه لمنزله بشبرا باص والمواجهه ايضا للمسجد بحيث تكون دار للمناسبات يقيم فيها اهل شبراباص مناسباتهم الخاصه
وتمر الايام ويرتفع المسجد ويرى النور والشيخ يتابع البناء باستمرار
واقترب شهر رمضان لسنة 1985 واقترب موعد سفر الشيخ / البنا لابوظبى لاحياء ليالى الشهر الكريم فأقترح الشيخ / البنا على زملائه القراء ان يعقدوا اجتماع النقابه بشبراباص واستجاب الزملاء وتم عقد الاجتماع بشبراباص وبعد ان فرغوا من الاجتماع وتناول الغذاء استعرضوا مع الشيخ مجمع الشيخ البنا الاسلامى بشبراباص ووقف الشيخ يصافح زملائه القراء مصافحة مودع واسوقف الشيخ / البنا زملائه قبل انصرافهم والعوده للقاهرة وقال لهم وهو يشير بيديه الى موقع المدفن :
هنا سيرقد قريبا الشيخ / محمود على البنا
واندهش الجميع من كلام الشيخ حيث كان يتمتع بكامل الصحه فى ذلك الوقت وما كانت هناك امارات للمرض تبدو عليه
وجاء موعد السفر لابوظبى وودع الشيخ الجميع ووعد ابنه شفيق البنا بأنه سيحول جميع اتعابه من المصحف المرتل لاستكمال بناء المسجد ....................ولكن ماذا ستخبئ الايام القادمه
الحلقة الاخيرة
ويسافر الشيخ / البنا الى دولة الامارات ويمر شهر رمضان وحان وقت الرجوع الى مصر
فى يوم السابع من من شهر يوليو لسنة 1985 تحول بيت الشيخ الى مايشبة خلية النحل من ترتيب وتجهيز المنزل وتحضير الاطعمة التى كان يفضلها الشيخ فاليوم سيصل الشيخ قادما من ابوظبى حيث مكث هناك شهر رمضان بأكمله وقام بستجيل المصحف المرتل كاملا للاذاعة هناك
ورنين تليفون المنزل لا ينقطع والكل يستفسر عن موعد قدوم الشيخ وكل الاسره فى انتظار الشيخ ولكن يا ترى ماذا تجبئ الساعات القادمة ..........................
وخرج نجلى الشيخ احمد وشريف لاستقباله فى المطار وما ان مرت ساعة ونصف حتى رن جرس الباب معلنا قدوم الشيخ والكل يتجه نحوه ابناؤه واحفاده ولكن ............الشيخ يظهر على وجهه الارهاق الشديد ولون وجهه مصفرا وقد فقد بعض وزنه وغابت عن عيونه فرحة الرجوع الى المنزل وصافح الشيخ الاسرة بعيونه ودخل الى غرفته .......والكل فى حيره ماذا اصب الوالد .....
وفى حجرته طلب الشيخ من ابنه شفيق ان يخرج مظرفا كبيرا مكتوب على اسم احد المستشفيات بأبوظبى وداخل المظرف كانت الاجابه على حيرة الجميع وهو تشخيص لحالة الشيخ الصحية والحالة الحرجة التى وصل اليها استعدادا لعرضها على المتخصصين بمصر وبات الجميع ليلة حزينة على غير المعتاد حيث كان الشيخ يسامر الجميع ويروى لهم طرائفه ومواقفه الطريفة عن كل سفره وكان هذا تقليدا اعتاد عليه الشيخ منذ ان سافر اول الستنيات وحتى اخر سفره لابوظبى
ومرت الليله وجاء الصباح ليكشف لنا عن حقيقة ما يعانيه الشيخ
تم عرض الاوارق على المتخصصين ولكنهم لم يوصوا بعلاج واوصوا بنظام غذائى فقط وعاد الشيخ يطمئن اهله بتعليمات طبيه تتأرجح بين الامل والسراب
ولم يكتفى اولاد الشيخ على وشفيق بذلك واخذوا يبحثوا عن حقيقة مرض الشيخ و اتصلوا بالمستشفيات المتخصصه بالخارج لاستشارة كبار الاطباء هناك وللاسف جاءت الاجابات لتقطع خيوط الامل التى تمسك بها ابناء الشيخ
........................................ .............
فلم يترك السرطان بانتشاره فى جسد الشيخ اى حيلة للطب والاطباء
وتمسك الابناء بأخر خيوط الامل وهى اعادة الفحوصات على امل وجود خطأ فى الفحوص والتقارير الطبية التى احضرها الشيخ معه من ابوظبى وبالفعل دخل الشيخ المستشفى بمرافقة زوجته وبصحبة ابنائة من اجل اعادة الفحوصات الطبية وكانت تعليمات الاطباء توصى بتقليل الزيارات والابناء يتمسكون بالامل وينفذوا تعليمات الاطباء ........ولكنه المريض اعذنا الله واياكم ومنه وعفانا وعفا كل المسلمون منه ......امين ....لم يترك فرصه لانقاذ حياة الشيخ
ومضى اسبوع على الشيخ بالمستشفى وعرف الاهل والاحباب بشبرا باص وجاؤا لزيارة الشيخ وجاءت الاخت التى طالما حملته طفلا على يديها الاخت الكبيرة رتيبه وابت الرجوع الى شبرا باص ولازمت الشيخ بالمستشفى وتجلس على الارض بجوار سرير الشيخ وهى تنظر اليه وتراقبه فى نومه ويقظته ....
احس الشيخ بقرب رحيله واخذ يمهد لرتيبه رحيله عن الدنيا الى دار القرار فقال لها انتى عارفه يا رتيبه الطوق البلاستيك اللى فى ايدى اللى مكتوب عليه اسمى وفصيلة دمى ......ده معمول علشان يعرفوا الميت بعد وفاته ........رتيبه اوعى تلطمى عليه او تصرخى لما اموت احنا مسلمين
وتمر الايام
صباح يوم الثامن عشر من شهر يوليو لسنة 1985
وزوجة الشيخ تستغيث يالاطباء لتدهور حاله الشيخ فجأه وتمت الاستجابه وامتلئت حجرة الشيخ بالاطباء والممرضات
وامر الشيخ زوجته بأن تستدعى الابناء على عجل ولما حضر الابناء قال لهم الشيخ :
سافروا الى شبرا باص وعجلوا ياتمام المدفن بأسرع وقت ممكن
وكان مسجد الشيخ بشبراباص مازال تحت الانشاء
وبالفعل ذهب الابناء الى شبرا باص وبدت كئيبه فى نظرهم فهى المرة الاولى التى يأتوا فيها الى شبراباص بدون الشيخ وعلى الفور قابلهم الاعمام هناك وتم استدعاء العمال من اجل اتمام المدفن وتركيب البوابه له وكذلك تنظيف ارضية المسجد( فلم يتم الانتهاء بعد من تشطيب المسجد ) من اجل الصلاة على الشيخ فيه
وانتهى الابناء من التجهيزات ورجوع الى القاهرة وجلسوا مع الام ليمدونها بشيئ من القوة من اجل تجمل الساعات العصيبة القادمة
واستيقظ الشيخ وسأل : المدفن جاهز؟
احمد : ايوه يا بابا
وقام الشيخ من فراشه وفتح باب الحجرة ومشى بالممر المؤدى الى حجرته والكل يراقب الشيخ بدهشة بالغة ويخافون ان تخذله قوته المؤقته
عن ماذا يبحث الشيخ ؟
هل هى صحوة الموت ؟
وما هى الا لحظات قليلة حتى عاد الشيخ الى فراشه وهو يقول لشفيق :
كنت امام بيت جميل بينى وبينه خطوتين وفيه حديقة جميله اردت ان اصل بابها لا دخله ......ولكن لماذا عدت الى هنا مرة اخرى ؟
اين البيت والحديقة الذين يتحدث عنهما الشيخ ؟ لا احد يعلم
صباح التاسع عشر من يوليو لسنة 1985
التف الابناء حول الشيخ , والشيخ جالس على مقعد مواجهه للنافذة ويرمى ببصره ويروى لابنائه ما يراه هو فقط واخذ يصف لهم جنازته
وبدء الموت يقترب من الشيخ وما هى الا ساعات .....ويقطع هذا الزخم الهائل من الحزن طرق على الباب يعلن قدوم ضيف للاطمئنان على الشيخ انه الشيخ / محمد متولى الشعراوى رحمه الله ..الداعية الاسلامى المعروف ومن اعز اصدقاء الشيخ / البنا
جاء الشيخ / الشعراوى ليطمئن على صديقة العزيز على قلبه ولم يكن يتصور ان صديقة وصل الى هذة الحاله الحرجه مع المرض ووجده يحتضر وادرك الشيخ / الشعراوى انه لم يعد فى عمر الشيخ / البنا الا لحظات والله اعلم بما تبقى ، وتلاقت يدى الشيخان معا واخذ الشيخ / البنا يشد على الشيخ / الشعراوىويوصيه ان يفى بوعده بأن يودعه الى مثواه الاخير وتقبل الشيخ / الشعراوى الوصيه والقلب يعتصر من الداخل ألما على فراق الاحباب وغادر الشيخ / الشعراوى غرفة الشيخ ويحمل بين طيات قلبه الم وحزن شديدين على فراق صديقه ولكنها سنة الحياة
الموت حق والدار فانية
وكل نفس تُجزى بما كسبت
وخارج غرفة الشيخ اجتمع الشيخ / الشعراوى بأبناء الشيخ / البنا وتحدث اليهم قائلا :
الله سبحانه وتعالى يريد لعبده ان يرضى بقضائه وانتم لا تريدون لابيكم ان يرحل ويغيب عنكم وهو الان فى حاجه الى دعائكم ، ترجموا حبكم له بدعاء يحتاج اليه الان ساندوه فى محنته ، محنة انسلاخ الروح من الجسد ، منحة رحيله عنكم ، ادعوا الله ان يخفف عنه سكرات الموت وسلموا بامر الله وارضوا بأمر الله الذى قضاه لابيكم ولا تقلقوا عليه فهو من حملة القران وربما فى القريب العاجل سيصبح بين يدى ارحم الراحمين
وغيرت زيارة الشيخ / الشعراوى اتجاة ابناء الشيخ من البكاء الى الدعاء وكانت ليلة حزينة وشديدة الالم على ابناء الشيخ
ويمر النهار ونصل الى الساعة العاشره مساء يوم 19 / 7 / 1985 والظلام يخيم على غرفة الشيخ الا من ضوء هادئ يعلو فراشه .....بدأ القدر يرسل نفحاته ....وفجأه كسر الشيخ / البنا صمته وصحا من غفوته فالتف حوله ابنائه وزوجته الوفيه واراد الشيخ ان يتحدث اليهم ربما للمرة الاخيره
ونظر الى شفيق ويسأله : هية الساعه كام دلوقتى ..؟
شفيق : الساعة العاشرة مساء
الشيخ : لا احنا نمشى الصبح فى النور ان شاء الله
الشيخ : شفيق من احب لقاء الله ؟
شفيق يجيب : احب الله لقائه
الشيخ : وانا احب لقاء الله
واخذ الشيخ يتكلم ويملى وصيته :
سأفارقكم بعد ساعات وربما بعد لحظات وقتمكا يأذن الله قاستمعوا فقط لما اقوله و لاتعارضونى فلم يتبقى الا القليل ويشير الشيخ الى شفيق اكبر ابنائه لكتب هو اول وصية من وصاياه :
الشيخ :
اكتبوا ............لا تتركوا اهلى واقاربى يشعرون بغيابى سيرون فيكم امتدادا لوجودى وعوضا عن غيابى وذكرى تذكرهم بى فلا تبخلوا عنهم برحيلى ولا تخذلوهم من بعدى ( كان يحمل دائما حب هائلا فى قلبه نحو اهله فهم اول من وصى بهم وسكرات الموت تغالبه )
اكتبوا ........... لا تشوهوا فرحتى بلقاء الله بالصراخ والعويل فأنا راض بفراق الدنيا ومسلم بقضاء الله
اكتبوا ..........اقرأوا كل يوم ما تيسر من القران ولا تقلقوا على مسجدى فالله قادر بأذنه ان يتم بناءه وسأجد خيرا منه فى اخرتى بأذن الله
اكتبوا ......... ستقع زمام الامور بين ايديكم بعد لحظات من رحيلى ستصبحون مسئولين فى غيابى والله يعلم كم ان قلبى منفطر عليكم ولكنى كلى ثقة بالله انه لن يترككم . لقد ان الاوان لتتسلموا مهامكم الجديده ولا حيلة لنا امام قضاء الله الا الاستسلام لمشيئة الله
ويتوقف الشيخ ليلتقط الانفاس ويرتب الافكار فيقول :
اكتبوا .........ادفنوا امكم الى جوار مدفنى وقتما يشاء الله برحيلها عن الدنيا
اكتبوا ........سأرحل ولم اتم دورى مع اخويكم محمد وشريف قأتموا انتم دورى قدموا لهم كما قدمت لكم واتموا زواجهما
اكتبوا ..........اجعلوا اخى الشيخ / مصطفى خطيبا لمسجدى فالاقربون اولى بالمعروف ولاخى ابو الفتوح دورا فى المجمع الاسلامى الذى يتبع الجامع
والابناء ملتفون حول الشيخ والشيخ بين الحين والاخر يفرق بينهم بيده ويقول مرحبا.... مرحبا .....مرحبا.......هل كان يرحب بالموت ؟ الله اعلم
وعاد الشيخ ليستريح ويلتقط انفاسه مرة اخرى واستطرد قائلا :
اكتبوا........للذكر مثل حظ الانثيين والقسمة بينكم بالمعروف
اكتبوا .......كونوا على قدر المسئوليه الكبيرة التى ستحملونها من بعدى واديروا فى جنازتى شريطا للقران بصوتى ...اريد ان ادخل قبرى واشيع نفسى بصوتى
ومد الشيخ يده يصافح اولاده يدا بيد ودعا لهم جميعا بأن يثبتهم الله على دين الاسلام حتى يلاقوا ربهم وقال لهم مودعا " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
وطلب من نجله احمد ان يقرأ سورة يس ويقرأ احمد والدموع تنهال من عينه
والشيخ يكمل وصيته
اكتبوا.......اللهم ان قد بلغت اللهم فأشهد واشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمدا نبيا ورسولا
ورفع عينه الى السماء وهو يقول " رب توفنى مسلما والحقنى بالصالحين "
وانتهى الشيخ من كلامه واحمد انتهى من قراءة سورة يس
وفراقت الروح الجسد ورحل الشيخ / البنا ابن قرية شبراباص بعد رحلة كفاح مشرفه رحل ولكن صوته لم يرحل لان صوته قران والقران لا يرحل
وفى صباح يوم 20 / 7 / 1985
وصل الجثمان الى مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة والمسجد يكتظ بالمودعين ففاض بهم فخرج الكثير الى ساحة المسجد وكان امامهم الشيخ / الشعراوى وما ان انتهت مراسم الوداع بالقاهرة حتى تحركت السيارة التى تحمل الجثمان نحو قرية شبراباص والكل كان فى الانتظار بداية من اهل الشيخ ومندوب الرئيس والمحافظ وكبار الشخصيات الى محبلى الشيخ وابناء القرى المجاورة لقرية الشيخ
ووصل الجثمان ومعه ابناء الشيخ والشيخ / الشعراوىومكبرات الصوت تعلوا بتسجيل قرانى بصوت الشيخ البنا
ودخل الجثمان المسجد واحتشد الناس وصلوا على الشيخ صلاة الجنازة وتوجهوا بالجثمان الى القبر وهكذا اسدل الستار على حياة علم من اعلام القران رحمه الله رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته
ووقف الشيخ الشعراوى ينعى فراق اعز الاصدقاء ( الشيخ البنا ) وهو يقول :
اللهم جازه عن كل حرف من القران تلاه عدد مرات تلاوته وجازه عن كل من استمع الى كل حرف من القران تلاه عدد مرات الاستماع اليه وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين عبدك بين يديك وانت ارحم الراحمين
رحم الله الشيخ البنا رحمة واسعه واسكنه الله فسيح جناته .........امين
................والى هنا انتهت قصة العلم القرانى الشيخ محمود على البنا رحمه الله
الطحاوي- عدد المساهمات : 102
نقاط : 314
تاريخ التسجيل : 16/02/2013
مواضيع مماثلة
» قصة حياة الشيخ البنا رحمه الله
» قصة حياة الشيخ محمد المنشاوي ريحانة القرآن رحمه الله
» قصة حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
» قصة حياة الشيخ محمد المنشاوي ريحانة القرآن رحمه الله
» قصة حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة نوفمبر 29, 2013 10:50 pm من طرف
» حكم تقطيع الآية الواحدة في ركعتين
الأحد أكتوبر 27, 2013 7:32 pm من طرف
» الاعجاز العلمي في القرآن (رسومات بالصور)
الثلاثاء أكتوبر 22, 2013 11:31 pm من طرف
» أم السعد أشهر امرأة معاصرة في قراءات القرآن الكريم
الجمعة سبتمبر 27, 2013 10:40 am من طرف الطحاوي
» أعظم نساء الدنيا في العصر الحديث. هل تعرف من هي؟
الجمعة سبتمبر 27, 2013 10:29 am من طرف الطحاوي
» روحانية صائم
السبت يونيو 29, 2013 3:31 am من طرف الطحاوي
» وقفات ما بعد رمضان
السبت يونيو 29, 2013 3:28 am من طرف الطحاوي
» ربانيون لا رمضانيون/الشيخ محمد العريفي ج2
السبت يونيو 29, 2013 3:25 am من طرف الطحاوي
» ربانيون لا رمضانيون/الشيخ محمد العريفي
السبت يونيو 29, 2013 3:20 am من طرف الطحاوي